جذور نظرية التحليل السيماتي عند أبي هلال العسكري في كتابه الفروق في اللّغة -أنموذجا

Abstract

ما رأ يت نوعا من العلوم، ولا فنا من الآداب إلا وقد صنف فيه كتب تجمع فيه أطرا فه وتنظم أصنافه إلا الكلام في الفرق بين معاني تقاربت حتى أشكل الفرق بينها . هكذا قدم أبوهلال العسكري لكتابه الفروق في اللغة مبينا رغبته في دفع إشكال ماسمي بالترا دف، وهو مع ذلك يقر بوجود التقارب الدلالي بين لفظ ولفظ لكن دون أن يصل هذا التقارب إلى حد "التطابق"، الذي يؤدي التسليم به إلى اضطرا ب في التحديد الدقيق لمدلولات ألفاظ اللغة، مما قد يشكل عائقا أمام الغاية من التواصل اللغو يالمتم ثلة في الفهم والإفهام، وقد اعتمد أب وهلال العسكري في دعواه على مجموعة معايير دلالية للتفريق بين الألفاظ العربية التي تجمع بينها مساحة دلالية مشتركة، فاستهل كتابه بإ يرا د "مايعرف به الفرق بين هذه المعاني وأشباهها" وهي ثمانية معايير دلالية انتخبها لتكون عينا له على الفرق بين الألفاظ المترا دفة.لم يقف أبوهلال العسكري عند التأسيس النظري لهذه المعايير، بل أبان عن منهجية علمية وبحثية جد متقد مة، وفور انتهائه من التنظير خلص إلى التطبيق الفعلي لهذه المعايير على جملة كثيرة من ألفاظ اللغة، التي انتظمت في شكل أبواب يتعلق كل منها بمجال دلالي معين، ثم إيرا د ألفاظ هذا المجال الدلالي كلمة كلمة مع إيضاح المكون الدلالي المميز والأساسي لكل منها. إن الآلية التي اعتمدها أبو هلال العسكري في معالجته ألفاظ اللغة هي بحق من صميم إهتمامات نظريتي الحقول الدلالية والتحليل السيماتي للمعنى، حيث تعد هاتان النظريتان من أحدث نظريات د را سة المعنى. لقد فتح أبو هلال العسكري أعين الدارسين على مجالات بحثية واسعة ونفع به الله العربية أ يما نفع.